مقدمة
الأمانة صفة عظيمة، كما يتميز الشخص الذي يتصف بهذه الصفة، بالأخلاق الكريمة، كما يتميز بحب الناس لهم، وتزيد من درجة الثقة. كما أن الأمانة من أعظم الأخلاق التي من الممكن أن يتصف بها الإنسان، إن لم تكن أفضلها على الإطلاق. والأمانة تأتي في قابله الخيانة، وهي من الصفات الذميمة، التي يجب على كل إنسان أن يبتعد عنها، كما أنه صفة تطبع على جبين الإنسان القبح. كما أن الامانة من الصفات التي تعتمد على جهاد النفس بصورة كبيرة، وذلك لأنها تعتمد على إبعاد الرغبات أو الشهوات تجاه كل ما يخص الغير.
مفهوم وتعريف الامانة
يتّسع مفهوم الأمانة في الإسلام ليشمل الكثير من الجوانب، فلا يقتصر على ما يتعلّق بالمال، فهذا وجه من وجوه الأمانة وليس كل الأمانة، قال الله -تعالى-: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) وبناءً على الآية السابقة فإنّ مفهوم الأمانة هو: التزام الواجبات الاجتماعية والأخلاقية، وأداؤها على خير وجه بحسب ما شرعه الله -تعالى- للناس،[٢] وهي خلق إسلامي يؤتمن فيه المرء على أمرٍ من أمور الدّنيا أو الآخرة؛ وتشمل الأمور الشّرعية، والأخلاقيّة، والقانونيّة.ويمكن تعريف الأمانة: بأنّها شعور المسلم بالمسؤولية أمام الله -تعالى- تجاه كل ما يوكّل إليه من تبعات مادية أو معنوية، والقيام بها على الوجه المطلوب.
علاقة الامانة بالنجاح
الامانة تعني رد الحقوق لأصحابها، وذلك بعد الاحتفاظ بها والحفاظ عليها، كما أنها تشمل بعض الأسرار، وكذلك الأمور العينية الودائع وغيرها من الأمانات التي يضعها الإنسان عند شخص معين.
كما أنّ الله تعالى أثنى على عباده الذي يؤدون الأمانة إلى أصحابها ويقومون بحقها خير قيام، وأعدّ لهم أجرًا عظيمًا، لأنّ الله تعالى أمر بهذا بقوله تعالى: “وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ” وهذا يدلّ على أنّ مكانة الأمانة في الإسلام كبيرة، والأمين له الكثير من الأجر والثواب عند الله تعالى، كما أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يُلقب بالصادق الأمين لشدّة أمانته بين الناس، حتى أنّه عُرف بها، لهذا فإنّ الأمانة من صفات الأنبياء جميعًا -عليهم السلام-، وأمروا بأدائها والعمل بها في كلّ وقت، فإن صلحت أمانة الفرد كان ضميره حيًا، وأخلاقه عالية.
يكون اكتساب خلق الأمانة بالاطلاع على سيرة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى سيرة الصحابة -رضوان الله عليهم- لأنهم ضربوا هُم والسلف الصالح من بعدهم أروع الأمثلة في الأمانة، ولم تعرف الخيانة طريقهم أبدًا، فصانوا أمانة الدين والعبادات، وأدّوا الأمانات إلى أهلها، كما كانوا خير من يحكم المسلمين وأدّوا حقّ الخلافة الإسلامية على أتمّ وجه، ولم يُفكروا إلا بنيل رضا الله تعالى وطاعته بأداء ما أمر به، ولولا أنهم كانوا مؤتمنين وأدّوا الأمانة حقها، لضاعت المثل العليا في المجتمع منذ زمن، ولما كان هناك مرجعية صحيحة للأخلاق النبيلة، ومن بينها الأمانة.
أمثلة للأمانة
مفهوم الأمانة عام يأتي بأشكالٍ عدّة، ولكلّ شكلٍ من هذه الأشكال العديد من الأمثلة التي تدعو إلى التزام الأمانة بكافة الطرق، ومن أهم وأسمى أشكال الأمانة هو التمسك بدين الله جلّ وعلا، ويكون هذا بأداء الفرائض والعبادات على أكمل صورة دون نقصان أو مُراءاة، والعمل بها على أكمل وجه، فالمصلّي الذي يؤدي صلاته على وقتها بخشوع وتدبّر يؤدي أمانة الصلاة على أكمل وجه، والصائم الذي يصوم لله تعالى ويلتزم بكلّ أركانه فإنّه يؤدي أمانة الصيام، والمتصّدق الذي يتصدق دون مراءاة وطلبًا للمدح والثناء من الناس، فإنه يؤدي أمانة الصدقة، والزائر لبيت الله بنيّة خالصة لله مؤدٍ للأمانة.
الشكل الثاني من أشكال الأمانة يكون بحفظ الجوارح عن الوقوع في الحرام، وكفّها عن أذى الناس، والامتناع عن استخدامها فيما يُغضب الله، فالله تعالى الذي وهب للإنسان السمع والبصر والقلب والعقل فإنما وهبه أمانة عليه الحفاظ عليها من الوقوع في الحرام، فأمانة العين تكون بعدم النظر إلى الحرام، وأمانة الأذن بعدم الاستماع للغيبة والنميمة والكلام الفاحش، وأمانة القلب أن يكون كلّه لله، وليس فيه موضع حقدٍ أو كراهية أو حب أكبر من حب العبد لله تعالى، وينطبق هذا على بقية الأعضاء والجوارح، وعلى الإنسان صيانتها في كلّ وقت، وعدم التهاون في تطبيق الأمانة، لأنّ التهاون يعني ضياعها.
أشكال الأمانة كثيرة ولا تُحصر بعدّة أعمال، لكن مهما تعدّدت هذه الأشكال، يجب أن يحرص الإنسان على أدائها وأن يكون أمينًا موثوقًا أمام الله تعالى أولًا وأمام المجتمع، فهو بهذا ينشر الخير ويُعزز ثقة الناس فيه، ومهما تعددت أشكال الأمانة فإنّ أهمها على الإطلاق هو أداء الأمانة مع الله تعالى، فإن أدّى الإنسان أمانته مع ربّه فهو بذلك أدّى باقي الأمانات، ومن أهم أشكال الأمانة في الوقت الحاضر أن يكون الإنسان أمينًا على نفسه وأهله وماله، فلا يبذر أمواله في أمورٍ تافهة، ولا يضيع وقته في عمل غير مفيد، فالوقت أيضًا أمانة، وكل نعمة أنعمها الله على عباده هي أمانة عليهم الحفاظ عليها.
الامانة ايضا تتمثل في حفظ الاسرار
الأسرار لها أهمية كبيرة في حياة كل إنسان، فلا يمكن أن يعيش إنسان بدون وجود سر في حياته، لا يرغب في أن يعرفه أحد. كما أنه في حالة بوح أحد الأشخاص لك بسر فاعرف أنك عزيز عنده، لذلك يجب أن تجعل هذا السر أمانة عندك لا تخرجه لأحد أبداً. فإفشاء الأسرار من الأشياء التي ربما تفقدك كل أصحابك، بل تتسبب في إبعاد الناس عنك، ومحاولة البعد عن الحديث معك، أو تناقل الأخبار في حالة وجودك، مما تسبب في حالة من عدم الثقة. كما أن أسرار الزوجية تقع تحت حفظ الأسرار، فلا يجب على أي زوج تحت أي حال من الأحوال، أن ينقل ما يحدث داخل بيتهم لأي أحد، حتى لا تختفي الثقة بينهما.