فى كلام نيوز خطبة عن فضل يوم الجمعة
الحمد لله …
فإن من عظيم فضل الله على أمة الإسلام أن خصَّها بخير نبي أُرسل، وأفضل كتاب أُنزل، واختار لها من الشهور أشرفها، ومن الليالي والأيام أعظمها، شرع فيها لعباده من الطاعات ما يطهِّر نفوسهم، ويرفع في الدنيا والآخرة مقامهم.
ألا وإن مما خصَّ الله به هذه الأمةَ وإليه هداها: الاجتماعَ ليوم الجمعة لذكر الله وطاعته.
يوم عظَّم الله شأنه، وميَّز بين الأيام قدره، يوم ضلت عنه الأمم قبلنا وهدانا الله إليه، فحمدًا لله وشكرًا، وتوفيقًا منه إلى طاعته وعونًا.
في هذا اليوم خلق الله آدم -عليه السلام-، وفيه أدخله الجنة، وفيه أُخرج منها، وفيه تقوم الساعة.
يوم أوجب الله السعي إليه، وحرم الانشغال بغيره عند النداء إليه، فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة: 9].
يوم أكد النبي –صلى الله عليه وسلم– تعظيمه، وحذَّر التهاون فيه وتضييعه، فقال: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين»، وقال: «من ترك ثلاث جمع متهاونًا طبع الله على قلبه».
يوم تحضره الملائكة، وتحتفي بالحاضرين إليه، يقول نبينا – صلى الله عليه وسلم – قال: “إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتِ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ طَوَوْا صُحُفَهُمْ وَيَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ”.
إنه يوم السماع للموعظة والذكرى، يوم التزود بالهداية والتقوى، يوم التزود بالنور الذي يضيء للمسلم حياته، وينير دربه ويسعد دنياه وآخرته.
ومن الله البشرى لعباده الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، يقول ربنا تعالى: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) [الزمر: 17 – 18].
إنه يوم الدعاء، والتعرض لما عند الله من واسع الخير والعطاء، فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرًا إلا أعطاه ما سأل.
يوم المغفرة لصغائر الذنوب، ففي الحديث: “والجمعةُ إلى الجمعةِ كفارةٌ لما بينهما، إذا اجتُنبت الكبائرُ “.
يوم من مات فيه أو في ليلته -وهو مؤمن– وقاه الله عذاب القبر وفتنته، ففي الحديث: «ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر».
شرع الإسلام التقرب فيه إلى الله بجلائل الأعمال، وكريم الخلال والخصال.
أمر بالتطهر فيه، وندب للتطيب، ولبس الحسن والبيض من الثياب.
رغَّب في التبكير في الحضور والقرب من الإمام ورتَّب عليه مزيدًا من الأجر والثواب. ففي الحديث: “وَمَثَلُ الْمُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَبْشًا، ثُمَّ دَجَاجَةً، ثُمَّ بَيْضَةًَ”.
استحب النبي –صلى الله عليه وسلم– للأئمة أن يقرءوا في صلاة فجر هذا اليوم بسورتي “السجدة” و”الإنسان” تذكيرًا للمسلمين بما كان ويكون في هذا اليوم، كي يظلوا لربهم ذاكرين، وإلى مرضاته مسابقين مسارعين.
أرشد إلى قراءة سورتي “الأعلى” و”الغاشية” في الركعتين من صلاة الجمعة أو قراءة “الجمعة” و”المنافقون”، ولا تلزم القراءة بها في كل صلاة.
رغَّب في قراءة سورة الكهف فقال: “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين” رواه النسائي والحاكم.
شرع التطوع بصلاة النافلة إلى أن يحضر الإمام، وسن صلاة ركعتين أو أربع ركعات بعد الفراغ من صلاة الجمعة.
وللصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- في هذا اليوم خصوصية نبَّه إليها النبي أمته؛ حيث قال: “إن من أفضلِ أيَّامِكم يومَ الجمعةِ، فأكثروا عليَّ من الصلاةِ فيه، فإن صلاتَكم معروضةٌ عليَّ”.
فأكثروا من الصلاةِ والسلامِ على نبي الهدى، فإنه من صلى عليه صلاةً واحدةً صلى الله عليه بها عشراً.
احرصوا رحمكم الله على اغتنام خير هذا اليوم وفضله، وكونوا ممن قال الله فيهم: (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) [النور: 37].