فى كلام نيوز شرح كتاب الموطأ للامام مالك
الإمام مالك بن أنس، أحد أعلام الإسلام، إمام دار الهجرة، كانت ولادته بالمدينة، ولا تتفق الروايات على سنة ولادته، فتذكرها ما بين سنتي (90 – 97هـ)
ورحل في سنة 179 هجرية، وكتابه الموطأ من أشهر الكتب الإسلامية. والموطأ فيه الأحاديث الصحيحة المسندة، وإن كان الكتاب ليس بالكبير
، فيه البلاغات والمنقطعات والمراسيل، ولا يستدرك على الإمام مالك فى ذلك؛ لأنه يرى حجية المرسل، وهذه البلاغات وصلها ابن عبد البر فى التمهيد سوى أربعة أحاديث، كما هو معروف.
اعتنى أهل العلم بالموطأ عناية فائقة لإمامة مؤلفه، ولعظم نفعه، ولاختصاره أيضاً يعنى شرحه متيسر. من علوم الحديث للحافظ ابن كثير
وكان الإمام مالك متحريا فى الرواية منتقيا للرجال أحسن الانتقاء منتقدا للرجال أشد الانتقاد، لذلك جعله أهل الحديث
آنذاك مصدرا حديثيا معتمدا عليه فى الاحتجاج بأحاديثه من حيث الجملة. قال الإمام الشافعي: “ما كتاب بعد كتاب الله
أنفع من كتاب مالك بن أنس”. وقال البخارى “أصح الأسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر”، وكثيرا ما ورد هذا الإسناد فى الموطأ.
أما عن سبب تأليف الكتاب، فقد قال ابن خلدون – رحمه الله – فى تاريخه: كان أبو جعفر المنصور بمكان من العلم والدين قبل الخلافة وبعدها،
وهو القائل لمالك حين أشار عليه بتأليف الموطأ : يا أبا عبد الله، إنه لم يبق على وجه الأرض أعلم منى ومنك، وإنى قد شغلتنى الخلافة،
فضع أنت للناس كتابا ينتفعون به، تجنب فيه رخص ابن عباس، وشدائد ابن عمر ووطئه للناس توطئة، قال مالك : ( فوالله لقد علمنى التصنيف يومئذ).
ننتقل إلى بدايات التصنيف،
حيث هنالك في عصور التابعين وتابعيهم، حيث رحلة الحديث متجردة من الخوف على اختلاط القرآن بالحديث،
ومات من كان قد سمع الحديث من منبعه من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتفرقوا في الأمصار، وأصبحت الحاجة
ملحّة إلى تدوين ما صحّ من الأحاديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ونصل في مركبنا إلى أمام الهجرة حيث العلم والفقه،
حيث الحديث والموطأ،
حيث إمام مدرسة الحديث في الفقه. نبذة عن الموطأ: لقد ثبت عند علماء الأمة الإسلامية نسبة الموطأ للإمام أبي عبدالله مالك بن أنس بن مالك،
الحميري المدني المولود في سنة 93 للهجرة والمتوفى سنة 179 للهجرة، إمام دار الهجرة،
وصاحب مذهب المالكيّة،
وقيل أنّه كان أعلم أهل زمانه في الحديث النّبوي الشريف وفي الفقه،
وتلقّى العلم عنه كثير من كبار العلماء في الحديث النبوي الشريف والفقه كالإمام الشافعي رحمه الله، بل روى عنه الحديث من شيوخه
وأقرانه مثل بن شهاب الزهري وأبو حنيفة النعمان، وكتب كتاب الموطأ ليشهد أهل زمانه بمنزلته العظيمة لاحتوائه على ما سهل من أحاديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم،
وسبب تسميته بالموطأ هو أنّه صنّفه عليه رحمة الله تعالى موطأً أي ميسراً مسهّلاً.
وكان سبب تصنيفه ما رواه أهل السيرة هو طلبٌ من أبي جعفر المنصور عندما جاء إلى المدينة المنورة في طريقه للحجِّ،
فجلس عند الإمام مالك بن أنس
، حيث كان مجلسه موئلاً ومرفداً لطلبة العلم والمتزودين بالحديث النّبوي الشريف، وبعد جلوسه عند الإمام مالك وسماعه للحديث منه،
طلب الخليفة أبي جعفر المنصور من الإمام مالك بن أنس أن يؤلف ويكتب في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام ما يجمع
من حديث بصورة موطئة أي مسهّلة، فكتب الأمام مالك الموطأ،
وكان من ما يصحّ بعد القرآن الكريم من كتب للحديث قبل أن يظهر أصحاب السنن، كالبخاري ومسلم وغيرهم. منهج الإمام مالك بن أنس في الموطأ
لقد كان منهج الإمام مالك بن أنس في تيسير
الحديث على طلبة العلم والمستفيدين من الموطأ في الحديث، ولم يكن صعباً في رواية الحديث ونقله، ربما لقرب عهده من الصّحابة الّذين رووا الحديث عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
وعدم ظهور الدّس والتحريف في الحديث بصورة كبيرة،
كما حدث في عصر من جاء بعدهم من أصحاب السنن، الّذين وضعوا الشروط والتزموا بقواعد في قبول الرواية
في الحديث حتى يخرجوا الكتب المحققة، فروى الأمام مالك في الموطأ ما كان على شرط الشيخين البخاري ومسلم، وفي كتابه ما كان في درجة الحسن والحديث المرسل،
ونجد في الموطأ الكثير من معلّقات الحديث الّتي أصبح فيها انقطاع بالسند، ومن هنا يظهر سهولة المنهجية في التصنيف للإمام مالك بالنسبة لغيره من أهل الحديث.