فى كلام نيوز شرح قصيدة شهداء الانتفاضة للصف الحادي عشر
الشرح
فدوى طوقان
قلنا في موضع غير هذا أن فاتحة النص مهمة للمتلقي، فهي تحفزه على الاهتمام بالنص الأدبي، وقراءته بتمعن، ورغم التباين بين عنوان القصيدة وفاتحتها، إلا أن الفاتحة تبقى هي الأهم، لما لها من وقع وتأثير في القارئ، ونعتقد أن الشاعرة كانت موفقة تماما في فاتحتها للقصيدة والتي جاءت بفعل “رسموا”:
“رسموا الطريق إلى الحياة
رصفوه بالمرجان، بالمهج الفتيّة بالعقيقْ
رفعوا القلوب على الأكفّ حجارةً، جمرً، حريقْ
رجموا بها وحش الطريقْ
– هذا أوان الشدّ فاشتدي!”
ونجد تأكيد الشاعرة على حالة البياض حتى عندما تحدثت عن حدث أسود:
“متوهجين على الطريق، مقبّلين في الحياهْ
هجم الموت وشرّع فيهم منجله
في وجه الموت انتصبوا”
فتقديم الموت بهذه الصورة يخفف من حدته، فرغم قسوته وشدة وطأته على الشهداء إلا أنهم واجهواه وهم واقفين، منتصبي القامة.
لهذا نجدها تمجد وقفتهم أمام هذا الفعل المخيف والمرعب بهذه الصورة:
” أجمل من غابات النخل وأجمل من غلات القمح وأجمل من إشراق الصبحْ
أجمل من شجر غسلته في حضن الفجر الأمطارْ”
إذا ما توقفنا عند هذه الصورة نجدها وكأن الشاعرة تتعمد أن تكون أرضية واجواء السواد بيضاء، ليس لتجميل فعل الموت، بل لتأكيد أهمة دور هؤلاء الشهداء في تحقيق الخلاص لنا وللأرض من هيمنة المحتل القاتل، وهذا ما كان عندما أخبرتنا قائلة:
- مع الغد الآتي العظيم بعثهم يجيءْ
- يطلع من غيابة الردى
- في وجهه بشارةٌ
- وفي جبينه الفسيح نجمة تضيءْ
- سيظلُّ رضيعًا طول العمرْ
- لن تنزعه عن ثدي الأرض حشود الشرْ
- أو غيلان الجوّ البرّ البحرْ
إذاً هناك فعل موت لكننا نجد فيه حياة أخرى تنبثق منه، وهذا الأضاد يوحي أنهم ما زالوا فاعلين ومؤثرين فينا وعلينا، ولهذا لا يبدو لنا غيابهم كامل أو حقيقي، فهو غياب أشبه بالكذب أو بالتخيل