فى كلام نيوزشرح قصيدة حديقة الغروب
غازي القصيبي
قصيدة حديقة الغروب
سعودي الجنسية ولد عام 1940م وهو من أبرز الشعراء والادباء والكتاب على مستوى المملكة العربية السعودية، حاصل على الكثير من الدرجات العلمية التي أهلته للحصول على العديد من المناصب في الدولة والتي من أهمها سفير دبلوماسي ووزير، وحصل على الدكتوراة من إحدى الجامعات اللندنية في تخصص العلاقات الدولية قدم الكثير من القصائد، حيث أن له العديد من الدواوين الشعرية، يذكر أنه توفي عام 2010 بسبب الامراض التي احتلت جسده وتوفى على اثرها.
الشرح
جاءت القصيدة في أحد عشر بيتا صاغها الشاعر على بحر البسيط جاعلا من حرف الراء رويّا لها، وهو حرف حنكيّ متكرّر يحوّل تواتُرُه القصيدة إلى زغرودة فرح. وهذا التواتر لم يقف عند الرويّ بل شمل مختلف الأبيات منطلقا من البيت الأوّل:
ضرب من العشق لا درب من الحجر
هذا الذي طار بالواحات للجزر
- ويتواصل الإيقاع الراقص الطرِبُ من خلال تواتر (الراء) أربعا وثلاثين مرّة في مجمل الأبيات، مترجما نشوة الشاعر بالحدث.
- وهذه النشوة لم تسجن القصيدة في أدب المناسبات الذي عادة ما يخبو نوره بانتهاء المناسبة، بل سَما بها إلى الحديث في لغة عاشقة عن الأحاسيس والأشواق فجعلها تنتصر على منطق الحجر والأسفلت.) ضرب من العشق لا درب من الحجر…)
- وهذه الإشارة إلى (الجسر) هي الإشارة اليتيمة في القصيدة كلّها، ليتحوّل بدوره إلى ضمير مستتر مع الفعلين (طار بالواحات…) و(ساق الخيام…)
الجناس
ويقدّم البديع خير خدمة للشاعر من خلال الجناس بين (ضرب) و(درب) فينتصر العشق على الحجر من خلال عمليّة التقديم والتأخير، فيتصدّر (العشق) البيت بل القصيدة عنوانا، ويسيطر على لغتها ومعجمها (الخفر – السمر – القمر- زائرتي- هِمتُ بها – العين – الحور- يقرّبنا…)
ولئن غلبت المقابلات بين الصحراء والبحر على جانب كبير من الأبيات، فإنّ معجم البحر والماء غلب على البيت الثاني (الشطآن – انزلقت – المياه – شراعا -) وتحوّلت الخيام إلى أشرعة بيضاء تبخر مياه الخليج، تعبيرا ضمنيا عن وجود الشاعر في ضيافة البحر بمناسبة موضوع القصيدة.
أحلام اليقظة هل تتحقق
بعد أن وصف الشاعر الرحلة ومسارها من الرمال إلى المياه، وجد نفسه أمام مشهد غير مألوف، دفعه إلى التساؤل عن حقيقة هذا المشهد: (ماذا أرى؟)
إنّه مشهد يفوق الخيال.. ما كان يخطر على بال الشاعر، لذا كان وجه العجب من مشهد هذا الجسر الطويل الممتدّ بين السعودية والبحرين… جسر رأى فيه غازي القصيبي وحدة بين حضارتين، الأولى صحراوية والثانية بحرية. فأغنيات الغوص وأصوات الحداء متشابهة يصعب على الشاعر التمييز بينها، والنخل صار مطوّقا بالأصداف والدرر.
وهذه أغنيات الغوص في أذني؟
أم الحداة شدوا بالشعر في السحر
واستيقظت نخلة وسنى توشوشني
من طوّق النخل بالأصداف والدرر؟
إنّ هذا المشهد ينفي المسافات القائمة، ويستبق الأحداث حتّى تكون الرغبة الكامنة في نفس الشاعر لتحقيق وحدة الكثبان والشطآن حقيقة لا خيالا.
الصور الشعرية
وهذه الصور الشعرية نسفت حدود الجغرافيا، فاجتمعت لدى الشاعر في مكان واحد جلّ مدن السعودية والخليج (الرياض- المنامة- جدّة – المحرّق – مسقط- الدوحة- الكويت – العين) واستوت لديه مختلف المدن دون مفاضلة (بدو وبحّارة ..ما الفرق بينهما؟) فوقع في شرك التغزّل بها جميعا:
- – مسقط السمراء زائرتي
- – المحرّق جاءتنا مع القمر
- – الكويت التي همت بها
- – العين وكم في العين من حور