فى كلام نيوز شرح صدر العبد للاسلام
إن انشراح صدر العبد
لمن أعظم الأمور وأجلها إعانة له على عبادة ربه ومولاه، على الوجه الذي يرضيه، بيد أن لذلك أسبابًا؛ فلهذا يجب على العبد أن يبحث جاهدًا عن تلك الأسباب،
ومن وفق لذلك ورزقه الله صدرًا منشرحًا فهو على نور من ربه،
ومن كان كذلك فقد حاز خيري الدنيا والآخرة؛ لذا قال سبحانه: {أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} [الزمر:22].
كما ينزل الماء من السماء فينبت لهم به زرعًا مختلفًا ألوانه؛ كذلك ينزل من السماء ذِكْرًا تتلقاه القلوب الحية، فتفتح وتنشرح وتتحرك حركة الحياة،
وتتلقاه القلوب القاسية كما تتلقاه الصخرة القاسية التي لا حياة فيها ولا نداوة، والله يشرح للإسلام قلوبًا يعلم منها الخير، ويصلها بنوره فتشرق به وتستضيء.
هذه الآية تصور حقيقة القلوب
التي تتلقى الإسلام؛ فتنشرح له وتندى به، وتصور حالها مع الله، حال الانشراح، والتفتح، والنداوة، والبشاشة، والإشراق، والاستنار
ة، كما تصور حقيقة القلوب الأخرى في قساوتها، وغلظتها،
وموتها، وجفافها، وعتمتها، وظلامها، ومن يشرح الله صدره للإسلام، ويمد له من نوره، ليس، قطعًا، كالقاسية قلوبهم من ذكر الله، وشتان شتان بين هؤلاء وهؤلاء(1).
فانشراح الصدر
دليل على هداية الله لهذا العبد، كما أن ضيق الصدر، الذي يكون سببًا لعدم قبول ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، من علامات الشقاء.
إن الصدر يطلق مجازًا على القلب الحسي
الذي فيه، وعلاقته ظاهرة، وعلى القلب المعنوي الذي هو للنفس، كالقلب الحسي للبدن؛ لأنه لبها، ومركز شعور مداركها وانفعالاتها، دون الدماغ؛
فإن النفس لا تشعر بما ينطبع فيه من المدركات من انشراح، وبسط، وحرج، وضيق، وقبض، فجميع الإدراكات العلمية والوجدانية توصف بها القلوب حقيقة والصدور مجازًا
، وتكون فاعلة ومفعولة وصفات للأفعال العاملة فيهما(2).
ولهذا قال سبحانه: {فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}[الأنعام:125].
من يقدر الله له الهداية، وفق سنته الجارية من هداية من يرغب في الهدى ويتجه إليه بالقدر المعطى له من الاختيار بقصد الابتلاء،
{يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ}؛ فيتسع له ويستقبله في يسر ورغبة، ويتفاعل معه، ويطمئن إليه، ويستروح به، ويستريح له.