نقدم لكم شرح قصيدة بم التعلل, تحضر شرح قصيدة بم التعلل, تحليل شرح قصيدة بم التعلل, بم التعلل لا أهل ولا وطن pdf,شرح قصيدة أريد من زمني ذا أن يبلغني,شرح قصيدة ماكل مايتمنى المرء يدركه,بم التعلل لا أهل ولا وطن اعراب,شرح بيت بم التعلل,بم التعلل لا أهل ولا وطن الديوان,بم التعلل قلبي صار ينكرني,قصيدة تجري الرياح بما لا تشتهي السفن كاملة, على كلام نيوز
شرح قصيدة بم التعلل 2020 – 1441
شرح قصيدة بم التعلل, تحضر شرح قصيدة بم التعلل, تحليل شرح قصيدة بم التعلل, بم التعلل لا أهل ولا وطن pdf,شرح قصيدة أريد من زمني ذا أن يبلغني,شرح قصيدة ماكل مايتمنى المرء يدركه,بم التعلل لا أهل ولا وطن اعراب,شرح بيت بم التعلل,بم التعلل لا أهل ولا وطن الديوان,بم التعلل قلبي صار ينكرني,قصيدة تجري الرياح بما لا تشتهي السفن كاملة,
شرح قصيدة بم التعلل وتحليل القصيدة
التعلل: التلهي ومشاغلة النفس.نديم: صاحب أو جليس الخمر. سكن: من تسكن إليه وترتاح.المعنى: يخاطب المتنبي نفسه قائلا: لم يبق لي ما أشاغل نفسي به، فأنا بعيد عن أهلي، وطني ومجالسي، ووأصحابي. وقد عانى المتنبي في هذه المرحلة من مطل كافور الإخشيدي ما وعده به من ولاية ورتبة.
أُريدُ مِنْ زَمَني ذا أنْ يُبَلّغَني مَا لَيسَ يبْلُغُهُ من نَفسِهِ الزّمَنُ
أريد وأبتغي من زمني أن يوصلني إلى ما لم يصله الزمن هو بنفسه كأن يدوم نهاره أو ربيعه.يقصدر أنه يريد أن يظل شابا مسرورا لا يهرم ولا يهتم، فالزمن بنفسه لم يقدر على ذلك له، فكيف يحصل ما بنفسي لي؟
لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِثٍ ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ
يخاطب الشاعر نفسه: ما دمت حيا فلا تبالِ بالزمان وصروفه، فإنها تزول ولا تبقى والذي لا عوض منه إذا فات هو الروح فقط.
فَمَا يُديمُ سُرُورٌ ما سُرِرْتَ بِهِ وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفَائِتَ الحَزَنُ
توكيد للبيت السابق: لا تبال بما يحدثه لك الدهر، فإن المفروح به لا يدوم، والحزن على الفائت الماضي الغائب لا يعيده إليك، فإن سرورك بالشيء لا يديمه عليك، لأن كل شيء زائل.
مِمّا أضَرّ بأهْلِ العِشْقِ أنّهُمُ هَوُوا وَمَا عَرَفُوا الدّنْيَا وَما فطِنوا
أهل العشق: الذين عشقوا الدنيا ولم يعرفوا أنها غدارة.المعنى: مما أضرَّ بالمحبين أنهم أحبوا الدنيا قبل أن يعرفوا الدنيا ويفطنوا لها ولأهلها وما طُبعت وطُبعوا عليه من الغدر وعدم الإسعاف والمؤاتاة ولو هو فطنوا لذلك ما أحبوا الدنيا وما أضاعوا أيامهم وانفسهم في سبيل ما ومن لا يستحق ذلك.
مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ
إن أعدائي يتمنون موتي ولا يدركون ولا يحققون ما يتمنون فإن الرياح لا تجري كلها على ما تريده السفن يقصد راكبيها، وقد جاء المتنبي بمثل السفن للتعبير عن خيبة رجاء الأعداء بموتي.
رَأيتُكُم لا يَصُونُ العِرْضَ جارُكُمُ وَلا يَدِرُّ على مَرْعاكُمُ اللّبَنُ
العرض: الحسب والشرف. المعنى: من يجاوركم لا يقدر على صون عرضه، لأنه يُشتم عندكم وأنتم لا تكترثون، وإذا رعت الماشية في أرضكم فإنها لا تدر اللبن، فنعمتكم مشوبة بالأذى، ويقال إن في ذلك تعريضا لسيف الدولة وهجاء مريرا له.
جَزاءُ كُلّ قَرِيبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ وَحَظُّ كُلّ مُحِبٍّ منكُمُ ضَغَنُ
ضغن: حقد. من قرُب منكم مللتموه وأبغضتموه، ومن أحبكم حقدتم عليه، فأنتم لا تجازون المحب والغريب بما يستحقه.
وَتَغضَبُونَ على مَنْ نَالَ رِفْدَكُمُ حتى يُعاقِبَهُ التّنغيصُ وَالمِنَنُ
الرفد: العطاء. التنغيص: تكدير العيش. المنن: جمع منة وهي التباهي بالمعروف.المعنى: لا يخلو عطاؤكم من التكدير والمنّ والأذى، وما زال المتنبي يعرّض بسيف الدولة.
إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ
أحلم عمن يؤذيني ما دام حلمي منسوبا إلى الكرم، فإذا كان منسوبا إلى الذل والجبن لم أحلِم ولم أصبر
بالتفاصيل شرح قصيدة بم التعلل 2020- موقع كلام نيوز
نتناول قصيدة المتنبي: “بم التعلل”, كما هي في “البيادر القديم”, لنقدمها درسا في الأدب العربي القديم. اعتمادا على ما ورد من سيرة المتنبي في كتاب “البيادر” وبتصرف منا, نفسر أهمية وترابط المفردات بحياته واغترابه, وكيف يواجه اغترابه الحسي الجسدي عن الأهل والوطن وكل المؤنسات المادية المحسوسة (في البيت الأول), وذلك بالحكمةبالعقلأو بالفلسفة (في الأبيات الأخيرة), حيث كانت الفلسفة تدعى في ذلك العصر “حكمة” لدى أنصارها.
توجه المتنبي شخصيته الطموحة منذ بداية مشواره الأدبي صبيا, حيث ادعى النبوة, فعوقب في العراق, ليرحل إلى سيف الدولة الحمداني على شرط الندية والمساواة مثل شاعر من الطبقة الحاكمة.
شعر المتنبي بجرح كبريائه بعد فترة هي الأطول والأغزر عطاء أدبيا وإخلاصا للصداقة والندية المتبادلة مع سيف الدولة. فقد كان اتفق مع سيف الدولة كما يتفق النبلاء الكبار, أن ينشد مديحه لسيف الدولة في لقائهما الأول وهما على ظهري حصانيهما وجها لوجه. مديحه لسيف الدولة كان شعرا هو الأرقى والأشهر إطلاقا عند العرب في المديح. لكن الفاسدين والمنافسين جعلوا سيف الدولة يقلل من مكانة المتنبي بشتى المجالات, ومثال ذلك شج ابن خالويه لرأس المتنبي بمفتاح في منافسة لغوية في حضرة سيف الدولة, وبدون أن يهتم سيف الدولة لعقابه. ولا بد هنا أن نشير إلى حاشية سيف الدولة المليئة بالعلماء المثقفين, وأشهرهم الفيلسوف المبدع والمنظر الموسيقي- “الفارابي”, كسبب وجيه لإثراء مميز في الفكر الفلسفي الرفيع.
ولهذا كله ارتحل المتننبي إلى مصر, حيث رحب كافور الإخشيدي به ولم يبخل عليه بالمال وسعة الحال. أنشد المتنبي هذه القصيدة حين وصله أن الفاسدين في حاشية سيف الدولة (الذين بمكائدهم وإشاعاتهم أفسدوا علاقته بسيف الدولة) يختلقون الآن الأوهام وكأن المتنبي مات أو قتل.
لكن الإخشيدي لم يف بوعده أن يعطيه ولاية, فهجاه هجاء هو الأبرز مقارنة بأبرز مديح له لسيف الدولة. ولهذا انتقل إلى محافظة فارس وشيراز العاصمة حيث مدح زعيميهما. ثم انطلق في طريقه إلى العراق حيث صباه, لكنه قتل في الطريق ولم يهرب هو وابنه وخادمه ومن معهم, بسبب التزامه بما كان قد اشتهر به في قصيدته التي يقول فيها:
“ألخيل والليل والبيداء تعرفني, والسيف والرمح والقرطاس والقلم!”.
لقد بز المتنبي النحاة والشعراء شعرا وبلاغة ولغة؛ فبالإضافة إلى تفوقه النظري النحوي والفكري فلسفة وحكمة, والبلاغي الشاعري الخيالي الخلاق, اعتمد التجربة بالاختلاط بأهل الفصحى في البادية.
بعد هذه التوطئة, نشرح الأبيات شرحا مبسطا(للطالب), ثم نتوسع (غير ملزم للطالب لكنه محبذ) بالشرح حسب الحاجة في شرح إضافي بين قوسين هكذا (…)، ثم نبين الأساليب الفنية والبلاغية. كل ذلك حسب تدرج ترقيم الأبيات 1-14 على التوالي:
1. بِمَ التّعَلّلُ لا أهْلٌ وَلا وَطَنُ وَلا نَديمٌ وَلا كأسٌ وَلا سَكَنُ
شرح: بأي من الأشياء نطيب أنفسنا بالأمل والراحة والمؤانسة (التعلل)؟! (بهذا يشير المتنبي إلى نقص مادي واغتراب مطلق، ليشوق المتلقي إلى المأساة المادية لاغترابه؛) حيث اغترابه جماعيا عن الوطن والأهل ف”لا أهل ولا وطن”. أي أن الأهل ضائعون مغيبون جسدا بلا وعي وفكر وروح، فهم في مقام واحد مثل اغترابه شخصيا وفرديا عن شاربي الخمرة المتقوقعين في الكأس، وكذلك اغترابه عن السكن (أي البيت والنساء حيث لا يأنس لهن المتنبي لاغترابهن عنه فكرا ووعيا).
(المعنى الخفي من ورء هذا هو احتجاجه على فساد الأنظمة التي تستغل سلطتها المادية بعيدا عن الحكمة والعدالة والنماء المجتمعي الثقافي- الشيء الذي من أجله رأى بنفسه كفئا ليكون واليا، فماطلوه ومارسوا تهميشه ولم يأخذ مكانته كوال).
أساليب فنية وبلاغية:
جمل اسمية تبرز العام الشمولي المطلق غير المتعلق بزمن الفعل.
استعمال لا النافية للجنس لتأكيد الجملة الخبرية التي تشرح الاستفهام البلاغي وتؤكد معناه المنكر النافي للتعلل والصحبة والمؤانسة في الماديات وأشيائها وأشخاصها. (أليس هو المتنبي أعظم الشعراء إطلاقا شاعرية؟! ونحن كلنا تلاميذه من أهل العقل لا النقل؟!).
التصريع: اتفاق آخر البيتين بالقافية وهي النون، وذلك للفت السامع المستقبل.
السؤال البلاغي: “بم التعلل” سؤال إنكاري ينفي “التعلل”.
الترديد: تكرار لا النافية للجنس بسياقات مختلفة لتأكيد النفي المطلق لوجود صحبة مؤنسة صادقة ماديا مالا ولذة. (إنه الاغتراب المادي الذي سوف نراه لا يستسلم له فيعود إلى لنتمائه الفكري وروحه. إنه يسخر بهذا من القيم التي توجه سلطات الفساد وأتباعها الفاسدين الذين لا يتماهى معهم رغم سيطرتهم الإدارية السلطوية).
2. أُريدُ مِنْ زَمَني ذا أنْ يُبَلّغَني مَا لَيسَ يبْلُغُهُ من نَفسِهِ الزّمَنُ
شرح: يطلب المتنبي- المخير لا المسير- من زمنه هو أن يوصله إلى طموحه (أي أنه يذلل الزمن لأهدافه ولا يخضع المتنبي للزمن، فهو يصنع الأهل الأهل والوطن الوطن وشريكة حياته وعائلته وحاشيته المكافحة). وهذا ما لن يفعله الزمن لوحده (كما يؤمن الدهريون غير الموحدين في الجاهلية، وكذلك “المسيرون” في الإسلام الفاسدون في السلطة).
(هنا توجد معان مخفية: يؤكد دور وعيه وحكمته وأدبه في صناعة “المعجزات” كما يتصورها الاتكاليون؛ وذلك باستنهاض المتنبي- القائد ال”قومي”- للعرب، في الزمن الذي يتحكم هو به، موجها خطابه للعربيأي لكل العرب. هذا الطرح سيعتبره الجبريون إما ادعاء نبوة أو زندقة تتعدى على مشيئة الله لدى الجبريين الذين يؤمنون بالتسيير لا بالتخيير والتيسير، ولن يفهموا الطرح العلمي الفلسفي المتقدم الذي سبق مئات السنين الثورة الفرنسية في نهضتها الفكرية البرجووازية الوطنية القومية).
أساليب فنية وبلاغية:
التفات: الالتفات من الجمل الاسمية الشمولية غير المتعلقة بزمن الفعل في البيت الأول، إلى صيغة ضمير المتكلم والفعل في هذا البيت؛ وذلك لإبراز الإرادة ومشروعها الطموح لدى المتنبي، الذي يؤمن بقدرات الحكمة والفلسفة والوعي على إنجاز طموحات لا تعرف الحدود بإرادة من حديد، عندما يخلق الإرادة الجماعية للعرب متنقلا بين أقطارهم.
تشخيص الزمن كشيء؛ أو تأنيسه كإنسان يفعل الحدث، كما يظن الذين يعتقدون أن الزمن يفعل ويغير بذاته كشيء أو كإنسان. وذلك لتأكيد نفيه وإنكاره لمصداقية هذا الفكر.
الترديد: “الزمن”، لتكثيف المعنى ومحورته (جعله يتمحور) حول نفي صحة ومصداقية مفهوم الزمن لدى الدهريين، والالتفات إلى موقفه منه.
جناس غير تام : تشابه غير تام باللفظ بين “يَبْلُغ” وبين “يُبَلِّغ”. (الزمن فاعل فعله “يَبْلُغ” الواقع على الهدف، أما الزمن الفاعل في “يُبَلِّغ” هو مجرد أداة طيعة للمتنبي وحكمته وإرادته لتحقيق الهدف الذي يصبح مفعولا به ثانيا. وهنا تأكيد على فعل وفاعلية إرادة الإنسان بعقله وحكمته التي يرفضها المتخلفون باسم الدين).
3. لا تَلْقَ دَهْرَكَ إلاّ غَيرَ مُكتَرِثٍ ما دامَ يَصْحَبُ فيهِ رُوحَكَ البَدنُ
شرح: وما دامت هناك بقية جسد تصحب روحك؛ واجه التحديات!
(أي أنت من يصنع الحدث وليس الزمن إلا جزءا من تركيبة الحدث الذي تصنعه أنت، إذا أردت وكانت فيك الشجاعة والحكمة!)
أساليب فنية وبلاغية:
التفات: من صيغة المتكلم لصيغة المخاطب. (كأنه يقول للعربي: كن مثلي! هيا معا نحن العرب للنهضة والحرية والكرامة والقضاء على أنظمة الفساد باسم الدين، والدين الحنيف منهم براء! ولهذا يبرز فيما يأتي كم هم بعيدون عن الدين الصحيح لأنهم يهزأون من الموت الحق، فيرد لهم الصاع صاعين سخرية تلبي فكر أهل العقل)!
استعارة مكنيةتأنيس: “دهرك”، لنفي وتحييد الدهرية؛
استعارة مكنيةتأنيس: “روحك”، “البدن” (وإبراز ضرورة جدليتهما ودمجهما للكفاح العنيد الذي لا يعرف اليأس ضد النظرية الدهرية والدهريين).
طباق: “روحك” ضد “البدن” (في تكاملهما الجدلي المشروع في “صحبتهما”حيث لا ينفي أحدهما الآخر بشكل مطلق، وحيث أن تناقضهما نسبي).
4. فَمَا يُديمُ سُرُورٌ ما سُرِرْتَ بِهِ وَلا يَرُدّ عَلَيكَ الفَائِتَ الحَزَنُ
شرح: السرور العاطفي، المادي، غير العقلي هو موهوم لا يديم لذة زائلة مما سررت به. ولا يعيد حزنك وكمدك ما فاتك من لذات.
(هنا اللفظ “ما” يعني الأشياء المحسوسة العبثية التي هي من المحسوسات اللذيذة البعيدة عن السعادة الحقيقية كما هي لدى الفارابي في المدينة الفاضلة حيث “الإنسان هو حيوان سياسي”, وحيث مدرسة المتنبي الفلسفية المؤمنة بالعقل وقدرة الإنسان على التغيير هي تفاؤلية, رغم أن المعري سبقه بتقدمه عليه في فكره وفلسفته الشمولية التي برزت في إبداعاته الأدبية قصصا وشعرا كماهو مشعور، وهو من أتباعه فيما بعد، من هذه المدرسة. لقد بز ابمغري المتنبي وسبقه وتقدم عليه في واقعيته العقلانية، لكن إلى التشاؤم نقدا جارحا للتخلف والظلام الثقافي والفساد الاجتماعي السياسي والأخلاقي، فالمعري الأعمى يعجز عن أن يدعي القدرة على تغيير العالم).
أساليب فنية وبلاغية:
مقابلة مضادة موافقة: في الشطر الأول يعني المادي لا يدوم، وفي الشطر الثاني يعني المادي زائل (يؤكد بهذا تغير المادة وحركتها المستمرة من حال إلى حال ليؤكد أهمية الروح كما يفهمها بالحكمة والعقل أولا).
ترادف: “سرور” و”ما سررت به”. (“سرور” بمعناها الشمولي مرادفها “ما سررت به” في الحالات العينية كلها. لكن وضع “سرور” كفاعل “يديم” ووضع المرادف “ما سررت به” كمفعول به ل”يديم” يفرض معنى الشمولية للأولى لتحتوي كل الحالات والأحداث والأفعال في الثانية).
طباق: “سرور” ضد “حزن” (الأولى فاعل “يديم” والأخرى فاعل “يرد”).
مقابلة مضادة: بين الصدر والعجز (تؤكد المشترك المادي كزائل متحرك، لكنه امتداد للروح والفكر يبرز فساده أو مصداقيته. إنه لا يرفضه زهد ورهبنة وتصوفا، بل يوظفه خلقا وحكمة ليكون بينهما تكامل لا انفصام تصوفي.)
5. مِمّا أضَرّ بأهْلِ العِشْقِ أنّهُمُ هَوَوا وَمَا عَرَفُوا الدّنْيَا وَما فطِنوا
شرح: أهل العشق (سواء الإلهي ومعناه بعيد أو الإنساني) مما (أي من الأشياء المادية- المحسوسات) سبب لهم الأذى هو حبهم العاطفي الأعمى الدنيوي الذي هو بعيد عن العقل والحكمة كل البعد.
أساليب فنية وبلاغية:
(ينفي هنا طريقة المتصوفة أيضا و”عشقهم” الإلهي من خلال تعاملهم مع الحواس لا العقل للتقرب إلى الله)
تورية: “أهل العشق”. المعنى البعيد: فرقة دينة تمارس وتتبع “العشق الإلهي”. المعنى القريب: أهل العششق هم من يمارسون ويتبعون العشق بين الرجل والمرأة.
ترادف: عرفوا (نظريا معرفيا في أيامنا نستعمل كلمة “علم” لأن العرب أول من طور العلوم التجريبية والنهج التجريبي في العلوم.) وفطنوا تطبيقا وتجربة وذكاء وحنكة. يبرز بهذا الترادف جدلية المعرفتين النظرية والتطبيقية.
6. يَا مَنْ نُعيتُ على بُعْدٍ بمَجْلِسِهِ كُلٌّ بمَا زَعَمَ النّاعونَ مُرْتَهَنُ
شرح: أنادي سيف الدولة البعيد عني عقيدة ومكانا لأقول: إن كل من ادعى موتي في حضرتك وحضورك روحه – روح المدعي موتي- رهن عقيدته هذه، لأن روحه غير باقية في الدنيا إلا كوديعة أي أنه ميت مثل كل الناس.
(والمتنبي قصد المعنى الأعمق الذي سيبينه لاحقا هنا، حيث الجبن من الموت الجسدي يفقد أصحاب الإشاعات روحهم وعقلهم وحكمتهم, ليكونوا أمواتا روحيا وهم أحياء مادة وجسدا شكليا بدون عقول وأدمغة فعالة، لأنهم يرون المادي السطحي ولا يرون الحكمة في العقلي الفلسفي العميق المتحيز للعدالة والخلق العالي وتقدم الناس ثقافيا ورفاهية. لقد أثبت موقفه البطولي هذا في مواجهة موته جسديا).
أساليب فنية وبلاغية:
كناية: “القبر” كناية عن الموت؛ و”الكفن” أيضا كناية عن الموت لتأكيد الموت.
الجملة الأولى إنشائية: بسبب النداء الذي ليس له علاقة بالصدق والكذب. والثانية إخبارية مؤكدة (القبر والكفن) لأنها تحتمل الصدق والكذب. (أما الجمل الإنشائية فلا نؤكدها وهذا اختيار بلاغي موفق لتحضير المستمغ لنفي خبر نعيه روحيا قبل نعيه جسديا).
مفارقة ساخرة (Irony): “نعيت على بعد بمجلسه”.
تشبيه ضمني: روح الإنسان في الجسد في الدنيا يستردها الله مثل الرهينة التي يستردها صاحبها من أخذها. أي أن الموت حق على الجميع.
7. كمْ قد قُتِلتُ وكم قد متُّ عندَكُمُ ثمّ انتَفَضْتُ فزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ
شرح: لقد حسبتم مرارا وتكرارا قتلي وموتي من إشاعات حاشيتكم، جسدا (لأنكم لا تعرفون موتا آخر وهو أنكم أنتم ميتون روحيا), لكني بعدها استطعت أن أزيل أذى القبر والكفن “أنتفضت” (يقصد إزالته الموت والأذى المعنويين الذي أضروه به بإشاعاتهم السخيفة).
أساليب فنية وبلاغية:
جملة: “كم” الخبرية تدل على جملة خبرية لا إنشائية. بسبب المفارقة تعني العكس: لم أقتل! (كم قد مت” تؤكد “كم قد قتلت”، مما يبرز أنها خبرية وأن المتنبيي يقوم بإخبارنا بالجديد المبتكر من فكره).
مفارقة ساخرة (Irony): “كم قد قتلت وكم قد مت عندكم” جسديا.
مفارقة ساخرة (Irony): “انتفضت فزال القبر والكفن” روحيا.
مقابلة مضادة: في صدر البيت قصة موت الجسد، وفي العجز قصة انبعاث الروح!
(استعمال المفارقة الأولى حيث الظاهري الموت الجسدي, لكن في العجز المفارقة الثانية تعني الباطني وهو المعنى المعنوي الروحي للموت.)
8. قد كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قولهِمِ جَماعَةٌ ثمّ ماتُوا قبلَ مَن دَفَنوا
شرح: جماعة من حاشية سيف الدولة ادعت أنها شاهدت موتي جسديا, لكنهم كانوا قد ماتوا قبل ذلك (ساقطين معنويا وروحيا من حيث لا يدرون ولا يعون كالبهائم).
(هنا يرمز بمفارقة الشطر الأول وكذلك ببمفارقة العجز، مثل البيت السابق، أنهم بقوا أجسادا بدون أرواح ومعنويات لخبثهم بما فعلوا ضد المتنبي من فساد يدل على سقوطهم خلقيا؛ لكن المتنبي باق أدبا وفكرا ونهضة عربية كما هو يرمز بصيغة المفارقة الشاعرية الرائعة بلاغة ولغة وفكرا ملهما للعقول والمشاعر العربية الراقية والعميقة والوسعة شعبيا).
أساليب فنية وبلاغية:
مقابلة موافقة بين البيت السابق وهذا البيت: لكن التكرار للمعنى في هذا البيت تأكيدي تهويلي، وخبري مثل البيت السابق, حيث يؤكد ويهول بسخريته من دساسي البلاط الحمداني, كونهم ماتوا ميتة الروح والعقل والحكمة في الدنيا، لا ميتة الحق، بمفارقة ساخرة جدا: “ماتوا قبل من دفنوا”.
تورية: المعنى القريب ل”جماعة” هو مجموعة من الناس، والمعنى البعيد ل”جماعة” فرقة دينية تتبع التنجيم بغطاء ديني.( ولهذا يدعون أنهم “شاهدوا”، والقصد المعنى البعيد بقدراتهم التنبؤية التنجيمية التي يدعونها. المتنبي يسخر من المنجمين المتنبئين. فهل يليق اتهامه أنه “متنبئ” يتنبأ؟!).
9. مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ
شرح: ليس كل ما يتمنى الإنسان يحصله، فربما تقف ضده معوقات واقعية تغير مجرى نشاطه الهادف واتجاهه وتحول دون حصوله على كل ما يريد (حتى لو كان نشيطا ومكافحا ومتفائلا وحكيما كالمتنبي).
أساليب فنية وبلاغية:
تشبيه تمثيلي: بين صورتين للصدر من جهة، ولعجز البيت من جهة ثانية.
حكمة ومثل: رغم إيمانه وثقته وتفاؤله بطريقه وإمكانيتها واقعيا, فهو يحسب ألف حساب للفشل ولما هو غير متوقع, حيث يقف في طريقه الإمكانيات الموضوعية الواقعية من ناحية، ومن الناحية الأخرى يقف شياطين البشر من فاسدي حاشية البلاط، كما يذكرهم في الأبيات الملاصقة قبل وبعد هذا البيت. لكن ذلك يشمل العكس, وهو محدودية قدرة هؤلاء المتآمرين على تنفيذ مخططاتهم اللئيمة. وهذا البيت صار مثلا تعرفه الأجيال المتعاقبه منذ المتنبي إلى يومنا هذا, بصفته قاعدة عامة لسلوك كل إنسان على الإطلاق. هذه القاعدة تؤكد جدلية العقل وفن الممكن (السياسة) كما يتضمنهما أدب وشعر المتنبي, سواء كان سلبيا هداما في صراع ضد التطور والخير أو العكس…
(معارضة وتناص: وهذا البيت يأتي معارضا لبيت أبي العتاهية قبل أكثر من قرن، هذا البيت الذي حث على اليأس من الدنيا والخضوع أو السكوت على الظلم الواقع واليأس من الثورة على الأنظمة لقائمة بفسادها والنهضة بالأهل والوطن، وذلك لكون أبي العتاهية لا يملك فلسفة ورؤيا ثورية:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه رب امرئ حتفه فيما تمناهو
هنا يستعمل المتنبيي التناص بشكل رائع ليناسب البيت وينقله من فكر زاهد بالدنيا يرى الجسد نقيضا مطلقا للروح عند أهل الزهد والتصوف، إلى فكر مكافح للحصول على الحق والكرامة فيها في تكامل الروح والجسد عند أهل العقل والحكمة وفن الممكن في علم السياسة).
10. رَأيتُكُم لا يَصُونُ العِرْضَ جارُكمُ وَلا يَدِرُّ على مَرْعاكُمُ اللّبَنُ
شرح: التعريض هام هنا، خيث يعرض المتنبي بسيف الدولة وحاشيته من الدولة الحمدانية في الشام، وذلك بإشارات مجازية؛ فيقول: رؤيتي لكم (بعد تجاربي معكم) أنكم لؤماء-خبثاء (لا تصونون شرف جاركم)، وكذلك لؤماء-بخلاء (لا ينزل الحليب على مرعاكم بوفرة).
أساليب فنية وبلاغية:
مقابلة موافقة بين الصدر والعجز.
كناية عن لؤمهم الخلقي السايكولوجي النفسي في الصدر.
كناية عن لؤمهم الخلقي العملي المادي-مدى بخلهم الفظيع في الصدر.
مجاز: صيغة المبني للمعلوم (المساوي لاسم الفاعل) مكان صيغة المبني للمجهول (المساوي لاسم المفعول).
11. جَزاءُ كُلّ قَرِيبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ وَحَظُّ كُلّ مُحِبٍّ منكُمُ ضَغَنُ
شرح: يستمر بالتعريض بسيف الدولة وحاشيته بإشارات بلاغية للتدليل على لؤمهم بنفس الأسلوب البلاغي قائلا: تجازون أي قريب منكم بعلاقة كلها ضجر وسآمة (“زهق” بالعامية) (إشارة مجازية إلى ضحالتهم الفكرية الروحية في علاقتهم مع من يقترب من موقفهم). كما أن كل من أحبكم تقابلونه بالحقد الدفين(الضغن)،دلالة على دونيتكم العاطفية الحسية أيضا.
أساليب فنية وبلاغية:
مقابلة موافقة بين الصدر والعجز.
تصدير: منكم….للفت المتلقي للمعنىى المحوري في علاقة موقفهم اللئيم الشمولي السلبي من يحبهم ويتقرب منهم (العلاقة بين ما قبل “من” وبعدها). وكذلك لإبراز الإيقاع بين الشطرين للفت السمع.
ترادف: “حظ” و”جزاء”.
12. وَتَغضَبُونَ على مَنْ نَالَ رِفْدَكُمُ حتى يُعاقِبَهُ التّنغيصُ وَالمِنَنُ
شرح: وكذلك تغضبون على من أخذ باستحقاق عطاءكم، ليتوقف غضبكم فقط بعدما تتأكدون من التضييق المعنوي عليه (التنغيص)، بسبب ادعائكم المتكرر أنكم أصحاب فضل عليه (منن)، فلا يهنأ بما أخذ! وهذا انعكاس عملي لموقفهم الشمولي الأخلاقي الساقط في البيت السابق. من المكن أن نسمي هذا مقابلة موافقة بين البيتين.
أساليب فنية وبلاغية:
تأنيس أو تشخيص ل”التنغيص والمنن”. وذلك لإبراز مدى غضبهم اللئيم.
مقابلة موافقة: بين الصدر والعجز. العجز هو بمثابة ترديد وتأكيد التأكيد لما ورد في الصدر. وتلعب هنا “حتى” للغاية (أي الهدف) دورا رابطا ومؤكدا لغضبهم اللئيم حتى حدود السقوط.
مفارقة ساخرة (Irony): في التناقض بين منن يتقرب منهم ويحبهم وبين جزائه عندهم.
13. إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ
شرح: يبرز المتنبي موقفه المبدي الفكري قائلا: إني- أنا المتنبي- أتماهى مع تعقلي وتصبري وأناتي (حلمي)، عندما يكون ذلك من كرامة، أي قوة واقتدار؛ لا عن جبن أي ضعف وعجز وانكسار.
(في هذا البيت يصف المتنبي موقفه القيمي النظري الشمولي من الناحية الإيجابية-كرمه، ومن الناحية السلبية- جبنه. ليؤكد تطبيقيا هذا المبدأ القيمي الشمولي عمليا في البيت التالي بتكرار النفي ب”لا”، ليجيب بهذا عن غربته المادية في مطلع القصيدة حيث يكرر “لا” عدة مرات، مبينا هنا انسجامه وتماهيه وتحقيقه لذاته و”أنا”ه العليا وعدم اغترابه الروحي هنا، بعدما خرج من تلك الحالة “منتفضا” ضد أنظمة وعروش الفساد والإشاعات والمغيبة والتخلف واللؤم والجبن البعيدة عن الحكمة والحلم، رافضا أن تذله حاجاته المادية الدنيوية حتىى للأهل وللوطن وللسكن والأصحاب والزوجة).
أساليب فنية وبلاغية:
الالتفات: ينتقل المتنبي من صيغة المخاطب فيي البيت السابق، إلى صيغة المتكلم في هذا البيت ليبرز ويؤكد موقفه الشمولي النظري، الفكري، المبدئي، القيمي والخلقي.
التصدير: تكرار “أصاحب حلمي وهو بي…” في الشطرين. وهذا الأسلوب يجعل الإيقاع جميلا وهو أسلوب التفات أيضا.
مقابلة مضادة: لتأكيد وتوضيح الموقف وتفسير المعنى المبدئي الروحي الخلقي .
الطباق: “أصاحب” ضد “لا أصاحب”. والطباق: “كرم” ضد “جبن”. لتأكيد وتفسير المعنى وتوضيحه.
14. وَلا أُقيمُ على مَالٍ أذِلُّ بِهِ وَلا ألَذُّ بِمَا عِرْضِي بِهِ دَرِنُ
شرح: لا أبقى ولا أثبت على مال يذلونني به. كما لا أتلذذ بما يتسخ به شرفي.
أساليب فنية وبلاغية:
ترديد “لا” النافية: تكرار “لا” النافية للمضارع هنا في سياقات مختلفة (“لا أصاحب”، “لا أقيم”، “لا ألذ”).
(يأتي هذا الترديد ليؤكد وحدة الروح في الإنسان “الكامل” حسب فلسفة الفارابي. ولهذا يقوم المتنبي بترديد “لا” النافية نظريا (في الخلق والمبدأ والفكر والقيم) في البيت السابق مرة واحدة، وعمليا تطبيقيا ماديا (مالا ولذة) في هذا البيت مرتين. وهنا النفي نسبي غير مطلق، بينما في مطلع القصيدة ينفي مطلقا أن يكون شيء مادي أنيسا وصاحبا له (لا النافية للجنس)، ليتبين ويتضح موقفهه الشفاف الواضح؛ أن ذلك النفي المطلق ب”لا النافية للجنس” في بداية القصيدة، هو نابع من موقفه المبدئي هذا عندما تكون اللذة والمال رهن الذل وقلةة القيمة.)
مقابلة موافقة: الصدر والعجز يؤكدان نفس المعنى ويفسران الجانب المادي العملي لأخلاقه ولخلقه الشمولي كم.ا بينا في البيت السابق.
جناس غير تام: “أذل” و”ألذ”. لتأكيد دور النشاط العملي هنا كصفة لا تتعلق بالزمن حيث الفعل المضارع هنا يكاد يكون كالاسم لكل زمان ومكان.
مواضيع عامة
(أ) مداخلاتي الشخصية ورأيي للنقاش والحوار البناء مع الأساتذة والمعلمات والطلاب والطالبات:
في الأبيات: (10)+(11)+(12)، يصف المتنبي حالة بلاط سيف الدولة الفاسد كسبب لما لم يذكره مباشرة وهو عدم تلبية سيف الدولة لطموحات المتنبي التي لا تعرف الحدود. ولهذا يذكر المتنبي في الأبيات هذه أن كافورا حتى هذا الوقت, لم يف له بالولاية، لأنه يمتحن المتنبي بإخلاصه. هنا طرح بهذا الشعر إلحاحه على كافور وإنذاره له, رغم أن الكلام موجه شكليا لتجربته مع سيف لدولة الحمداني. لو كان كافور يستطيع فهم هذا الشعر المشفر بالدلالات الجزلة الكثيفة, وبالمنطق الصارم والبلاغة التي يغلب عليها المجاز والفكر، ربما لكان أكرم المتنبي واسترضاه بكل ثمن. بل ربما من هنا تبدأ هزيمة الشعوب التي لا تحترم أدباءها العظام، لا تفاخر بهم الأمم، ولا تذوت إبداعاتهم ولا تطورها، فتكون بلا سلاح الوعي عبدة لأعداء الشعوب ولأنظمة فاسدة باسم الدين.
وفي البيتين: (13)+(14)، يطرح المتنبي الخلق البديل عبر الأخلاق البديلة لهذا الفساد السائد في الدولة الحمدانية بطريقة المفارقة والتضاد بين المعنى الظاهري والباطني, حيث خلقه العالي لا يسمح له أن يتصرف بأخلاقيات الدناءة واللؤم؛ فهو لا يقيم جسديا على مال يذل به, لأن نفسه ليست فاسدة لتلذ بما هو ليس من شرفها الرفيع (البيت رقم 13). ومصدر هذا الشرف ليس الحسب والنسب, بل هو موقف أكثر بكثير من مجرد عصامي يعتمد على الذات, وأكثر من ذلك كونه هو الذي يهب كرامة بشعره ويأخذها ولا يعترف بقيمة ما وهبوه من مال بلا روح ولأهداف لئيمة. أليس شعره أشرف من تلك العروش التي ليست أهلا لمديحه؟! لهذا يتماشى مع عقله (حلمه) عندما يكون هذا كرما وعطاء وليس جبنا من بطش السلطان! فعندما تصبح مكانته في البلاط منقوصة ممنونا بها كأنها صدقة, رغم أنها ليست بحجم وقيمة شعره وأدبه وعطائه العقلي الروحي, فهذا مبرر ونذير لمواجهة أدبية إعلامية من سلطة المتنبي الإعلامية: الشعر العربي الأرقى هجاء وتعريضا وهجرا لهؤلاء اللئيمين من الحكام وحاشياتهم.
(ب) أغراض وموضوعات القصيدة:
يتضح ن اللشرح والتحليل أعلاه أن موضوعات القصيدة هي:
الشكوى من المعاناة: البيت الأول.
الشكوى من الاغتراب، من الخصوم، من الأعداء ومن الفاسدين: البيت الأول؛ السادس، السابع والثام؛ العاشر، الحادي عشر، والثاني عشر.
الهجاء والتعريض بسيف الدولة وحاشيته: الخامس، السسادس، السابع، الثامن، العاشر، الحادي عشر والثاني عشر.
الفخر: البيتان الثالث عشر والرابع عشر.
المثل: البيت التاسع.
الحكمة: الأبيات الثالث، التاسع، الثالث عشر والرابع عشر.
التوصية: البيت الثالث.
تأملات ومواجهات فكرية: البيت الثاني، الثالث، الرابع، الخامس، السادس، الثامن، التاسع، والثالث عشر.
(ج) الموضوع المركزي في كل هذا هو فكره ونظرته الشاملة للعالم. وبإمكاننا أن نفهم حكمته (أي فلسفته) من خلال تأملاته ومواجهاته الفكرية للفساد وأسبابه وأصحابه، ومن حيث كون هذا الفساد مسؤولا عن هذا الاغتراب الميت للناس.
والذين يحاربون فكره يبدأون حربهم ضد فخره المبالغ به، حسب رأيهم، ليصفوه بالمغرور النرجسي، وحتى ليدعوا أنه يضع نفسه في مقام النبي. لكن من يؤيده يعتبر أنه ينطلق من فكر وفلسفة هي ملك للناس الذين سيعملون لنهضة وطنية عربية. وهنا يرى نفسه في رأس السلم لتعبئة وتجنيد الناس المتقدمين بمواقفهم وبفكرهم لاستنهاض العرب. وهو عندما يفخر بنفسه، يفعل ذلك في سياق القيم والفكر الذي يروج له وسيضحي من أجله بحياته. وأخص بالذكر فلسفته الأخلاقية العميقة المؤثرة التي تجعلنا نشعر أننا تلامذة صغار لديه، رغم بعده عنا زمنيا (وما أقرب اليوم بالأمس!)، وضعه مصطلح “جبن” ضد “كرم” في ميزان ال”حلم” (بكسر الحاء) وهو الخلق ذو القيمة العليا). تفسيرنا هذه القصيدة كاف لشرح موقف أبي العلاء المعري منه مثل التلميذ الموهوب العبقري من أستاذه النحرير